Over 10 years we help companies reach their financial and branding goals. Maxbizz is a values-driven consulting agency dedicated.

Gallery

Contact

+1-800-456-478-23

411 University St, Seattle

maxbizz@mail.com

استثنائية الموقع

أدرك الملك حسين ما لا يدركه الآخرون، من حساسية وخطورة موقع الأردن في خريطة الشرق الأوسط التي ظلّ نابليون يقول عنها منذ أواخر القرن الثامن عشر أنها:” مفترق طرق العالم”، ويصفها الرئيس أيزنهاور في العام 1957 : ” بأنها أقيم قطعة عقار في العالم”، فحاول وهو يواجه عواصف عاتية أن يتوازن ويوازن ويضع مسافة من الجميع بحيث لا ينخرط في الصراعات القائمة أو ينجرّ إليها إلاّ دفاعاً عن النفس والحق وعند الضرورة، خصوصاً وهو يعرف موازين القوى، بما لها وما عليها.

فالأردن يمتلك موقعاً استثنائياً وسطياً وهو ما جعله يواجه تحدّيات استثنائية أيضاً، وهو محاطٌ ﺒ خمس دول، فمن الغرب فلسطين التي تحتلّها “إسرائيل” بؤرة العدوان المستديمة والترسانة العسكرية التي تغتصب حقوق أهلها وتشرّدهم ، ومن الشرق، العراق الذي ارتبط مع الأردن ﺒ “اتحاد هاشمي” في العام 1958 ، سرعان ما أطاحت به ثورة 14 تموز/ يوليو العام 1958 وانفرطت العلاقة بين البلدين لسنوات غير قليلة ، ومن الجنوب المملكة العربية السعودية التي لا تخلو علاقاتها من منغّصات مع الأردن، ومن الشمال الجمهورية العربية السورية، ويشترك الأردن مع مصر بحدود مائية في خليج العقبة، ومصر وسوريا كانا ضدّ توجهات الأردن على الرغم من أن الأخير لم يشارك في حلف بغداد الاستعماري العام 1954 – 1955 ، بل نأى بنفسه وتعرّض حينها إلى ضغوط غربية وإقليمية عديدة.

وإذا تأسست “إسرائيل” في ظلّ تواطؤ دولي واستناداً إلى مزاعم دينية ورواية أقرب إلى الميثولوجيا، فإن المملكة العربية السعودية تحتضن مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة، وهما مكانان مقدّسان للمسلمين، وتأسست في العام 1926 باتحاد نجد والحجاز، واتخذت الدين عنواناً لها. أما العراق وسوريا، فهما منذ قيامهما شهدا حركات راديكالية ثورية وأقيمت فيهما أنظمة قومية شمولية ، ومعهما مصر منذ ثورة 23 يوليو/ تموز العام 1952، وهذه البلدان عملت ما في وسعها لتغيير نظام الحكم في الأردن، في حين استمرّت المملكة الأردنية الهاشميّة تغرّد خارج السرب وسط هذا الخضم من الواحدية والإطلاقية ، فاتجهت صوب الإعتدال والوسطية وبصياغات أقرب إلى الليبرالية أو بعض إرهاصاتها، حسب وصفة نهاية الأربعينيات والخمسينيات.

وقد حاول الأردن وهو بلدٌ صغير قياساً بجيرانه: السعودية والعراق وسوريا، ناهيك عن مصر، الحفاظ على خصوصيّته وتوجهه الوسطي، وإن بإمكانات محدودة مادياً وبشرياً وجغرافياً، حيث تبلغ مساحة الأردن 89.213 كيلو متراً مربعاً وعدد نفوسه لم يتجاوز الأربعة ملايين في مطلع الستينيات، ولكن العين ظلّت عليه بين هذه الدول الكبيرة، ناهيك عن أطماع “إسرائيل” المختلفة والمتعدّدة والمتجدّدة.

وحين يحتفل الأردن اليوم بمئويته، فالاحتفال ليس أردنيّاً فحسب، بل هو احتفال عربي ودولي أيضاً، فقد تمكّن هذا البلد الصغير والفقير قياساً بدول تجلس على بحر من النفط والمحاط بأطماع وتحدّيات كبرى أن يواصل البقاء وأن يحرص على علاقات طيّبة مع الجميع، ويمسك بأوراق غير قليلة في ذروة لعبة الكبار. وكان الأردن من الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية في 22 آذار/ مارس 1945، وانضمّ إلى الأمم المتحدة في العام 1955.

Author

admin

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *