العمانية: تشكل العادات والتقاليد العمانية الأصيلة قاعدة مهمة وعاملاً مساهماً في تكوين المجتمع ويظهر ذلك من خلال المناسبات الوطنية والدينية ومنها شهر رمضان المبارك.
ويمتاز المجتمع العماني بعدد من العادات والتقاليد التي تمارس في الشهر الفضيل وتختلف من ولاية لأخرى ويمارسها المجتمع أو الأسرة بشكل منفرد داخل المنزل أو خارجه.
كما يشترك المجتمع العماني مع المجتمعات الأخرى في شهر رمضان المبارك ببعض العادات مثل صلة الأرحام وتبادل التهاني بمقدم الشهر واصطحاب الأطفال إلى المساجد لأداء صلاة “ التراويح “ بعد شرح نظري واف ويتم التطبيق عمليا استنادا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم والمحافظة على حلقات الذكر والدروس الدينية المتعلقة بالقرآن الكريم وفضائل الشهر الفضيل والدروس المستفادة منه.
ومن العادات العمانية التي لا تزال تمارس في الشهر الفضيل أيضا الإفطار الجماعي سواء في المساجد او تجمع أفراد العائلة في بيت أكبرهم سنا حيث يلتقي الصغير والكبير على مائدة الإفطار مجتمعين في حلقة واحدة كما أن بعض القرى ما زالت تحافظ على إفطار جماعي بما يعرف “ السبلة “ او المجلس.
كما تظهر بعض الأكلات العمانية الشعبية في الشهر الفضيل مثل الهريس والعرسية والثريد وتكون حاضرة في مائدة الإفطار إلى جانب التمر والماء واللبن.
ومن العادات والتقاليد العمانية في شهر رمضان المبارك في بعض ولايات السلطنة سيما ولايات محافظة مسقط الاحتفاء بليلة النصف من رمضان حيث يتجول الأطفال في الأحياء السكنية داخل الحارات والطرقات في احتفالية تسمى “ قرنقشوه “ وهي عادة توجد في عدد من دول مجلس التعاون الخليجي ويتجلى في هذه الاحتفالية مدى التلاحم في العادات والتقاليد بين أبناء دول المجلس ويظهر فيه مدى التراحم والتكافل في المجتمع حيث يخرج الأطفال فيها مرددين أناشيد قيّمة وأدعية مختلفة ويقوم أبناء المجتمع بإهدائهم ومكافأتهم وتقديرهم لإحياء هذه الليالي المباركة وغرس القيم والمبادئ الحميدة في نفوس هؤلاء الأطفال.
وقد دأبت بلدية مسقط أيضا على إحياء هذه الليلة في الحدائق العامة بهدف إدخال الفرحة على قلوب الأطفال وإحياء لهذا الموروث الشعبي..
كما تصبح الأسواق العمانية الموجودة في معظم ولايات السلطنة مثل سوق مطرح وسوق نزوى والسوق المركزي بمحافظة ظفار أو الأسواق الشعبية الأسبوعية مثل سوق الأربعاء وسوق الخميس وسوق الجمعة مقصدا للاستعداد للشهر الفضيل وتكون مستمرة طيلة الشهر استعداداً لعيد الفطر السعيد والتي تظهر فيه أيضا ما يعرف بسوق (الهبطات) وهي عبارة عن موعد معين وثابت ومعروف لدى الأهالي وتعتبر إرثا قديما بالسلطنة وتشهد إقبالا كبيرا من الزوار والمواطنين وتقام في جو تقليدي متميز قبل العيد بأيام وتختلف هذه الهبطات في بعض الولايات في موعد إقامتها فبعضها تبدأ فعالياته في اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك وتستمر حتى آخره.
وقال الشيخ أحمد بن حارث الهادي: إن عادات شهر رمضان المبارك في الماضي كانت تتميز بتجمع الأهل والأقارب للإفطار بشكل جماعي سواء في المسجد أو في مجلس عام يتخلله جو يسوده الوئام والمحبة بين أبناء المنطقة وغرس هذه العادات في الأبناء حتى تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل..
مضيفا أن شهر رمضان يعد فرصة لصلة الأرحام وزيارة الأهل في وقت المساء.
وأضاف إن الأهالي يقومون عقب صلاة التراويح بتبادل الزيارات بينهم حيث يذهب أبناء المنطقة بزيارة المناطق الأخرى لتبادل الأحاديث وتناول القهوة العمانية الخاصة التي تكون مميزة في هذا الشهر.
وأكد أن شهر رمضان شهر فضيل تكثر فيه العبادات ويرسل فيه الأبناء لحفظ كتاب الله على أيدي معلمين عمانيين وقبل نهاية الشهر الفضيل يتم تكريم الأبناء الذين يختمون القرآن في احتفالية تسمى “ التومينة “ وتختلف مسمياتها من منطقة لأخرى وتعظم الاحتفالية كلما كان خاتم القرآن في بواكير عمره، وما زال في مراحل الطفولة المبكرة.
وأوضح أن الاحتفالية تبدأ بانطلاق كوكبة من الطلبة الدارسين يتقدمهم المعلم الذي باشر التدريس معهم وإلى جانبه الطالب خاتم القرآن، ويسير من ورائهم بقية الطلاب ومن رغب من أبناء المنطقة وبناتها ويقوم بإلقاء نشيد التأمينة أو التومينة وفي نهاية التطواف في أرجاء المنطقة أو الحارة يقدم أهل الطالب هدية للمعلم وعلى الأرجح تكون كسوة وملابس من أفخر الأنواع، ومن هنا أطلق على الاحتفالية الوهبة كواحدة من مسمياتها. وقد يتم الاحتفال داخل المدرسة أو بيت الطالب، كما يحدث هذه الأيام.
وقال صالح بن يوسف السناني إن قدوم شهر رمضان المبارك يعد فرحة كأفراح العيد وينتظره الكبير والصغير لما يحمله من معان قيمة وروحانية.
وأضاف: سابقا كان يتم استطلاع شهر رمضان عن طريق الأشخاص الذين يتميزون بقوة البصر وعند رؤية الهلال يتم إعلام الناس عن طريق إطلاق المدفع وهو بيان أن اليوم التالي هو غرة شهر رمضان أما في الوقت الحالي ومع التطور التكنولوجي يعلم الناس عن رؤية شهر رمضان من خلال وسائل الإعلام المختلفة.
وحول العادات والتقاليد في شهر رمضان قال السناني إن أبناء الولايات يمارسون بعض الألعاب التقليدية في شهر رمضان سواء قبل أذان المغرب أو بعد صلاة التراويح بالإضافة إلى التجمع ومناقشة الأمور الدينية وسؤال أهل العلم عن الأمور الدينية أما في الوقت الحالي فيقوم الشباب بعمل المسابقات الدينية والثقافية بالإضافة إلى ممارسة بعض الألعاب الرياضية.
وقال علي بن سيف اليعربي رغم التطور والحداثة التي أوجدتها النهضة المباركة إلا أن المجتمع العماني باختلاف مراحله العمرية ما زال يحرص على المحافظة على العادات والتقاليد العمانية الرصينة فالإفطار الجماعي على سبيل المثال يعد مدرسة للأجيال لغرس مفهوم التلاحم والتراحم وهو ما دأب عليه العمانيون.